٢٤‏/١٠‏/٢٠٢٥، ٩:٠٦ م

متخصص بالشؤون الروسية:

ترامب لن ينجح في حل الصراع الأوكراني دون معالجة جذور التوتر مع روسيا

ترامب لن ينجح في حل الصراع الأوكراني دون معالجة جذور التوتر مع روسيا

صرح المتخصص في الشؤون الروسية والدولية د. سمير أيوب، أن الرئيس ترامب "يخطئ إذا كان يعتقد أن حل الصراع الأوكراني ممكن دون معالجة الأسباب الجذرية للتوتر مع روسيا، مثل تمدد حلف الناتو والتدخل في شؤون دول الاتحاد السوفياتي السابق". 

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: قمة مرتقبة تجمع الرئيسين ترامب العائد من ثقافة الصفقات والاقتصاد والعقوبات وبوتين الثابت حضوره في منطق الميدان.

وبما يخص الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا، فإنها تتباطأ بدون أي حسم. وإذا حصلت هذه القمة، سيقولون للعالم: "ممكن للغة الصدام أن تتراجع أمام براغماتية التنازل..." وفي لحظة مفصلية، نجد اقترابًا بين بوتين وترامب. الآن، هناك قضايا تدفعهم إلى الاختلاف أكثر من الاتفاق، لأن هناك مشروعًا تعدديًا ولم تحسم الأمور لإعادة تأسيس ميزان القوى... ويبقى السؤال: هل التألق السياسي بين الرجلين يختزل في إرادة الكرملين أو إرادة البيت الأبيض؟ أسئلة عديدة طرحتها مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، على المتخصص في الشؤون الروسية والدولية الدكتور سمير أيوب، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

بدل أن تعقد القمة الأميركية الروسية كما أعلن بعد الاتصال الهاتفي المطول بين رئيسي البلدين، عادت لهجة التصعيد والحرب الاقتصادية والعقوبات إلى التداول! فما الذي حدث برأيكم؟ ولماذا تبدو الأزمة الأوكرانية عصية على الحل السياسي حتى الآن؟

يُخطئ الرئيس ترامب إذا كان يعتقد أن التعامل مع روسيا يشبه التعامل مع دول العالم الثالث، مع كل الاحترام لها. ترامب استخدم أساليب القتل والإجرام والإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل عبر وكيله الكيان الإسرائيلي الفاشي، وفرض عليهم اتفاقًا لوقف إطلاق النار، وهذا ما حصل في لبنان. بسبب عدم توازن القوى، يستغل ترامب قوته العسكرية والعقوبات الاقتصادية والمالية غير الأخلاقية وغير القانونية ضد العديد من البلدان من أجل ابتزاز شعوبها والتدخل في شؤونها الداخلية وتهديدها بشكل مباشر، كما يحصل اليوم مع إيران وفنزويلا.

يمكن أن يكون الرئيس ترامب يرغب في إنهاء الصراع الروسي الأطلسي على الساحة الأوكرانية، لكن عليه في البداية أن يعالج الأسباب الجذرية التي أدت إليه، وهي عديدة. منها وقف تمدد حلف الناتو باتجاه الحدود الروسية، عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وافتعال ما يسمى بالثورات الملونة لقلب الأنظمة الشرعية واستبدالها بأنظمة عميلة كما حصل في جورجيا عام 2008، التي أدت إلى حرب مع روسيا حُسمت بسرعة لصالح الأخيرة. واليوم ما يجري على الساحة الأوكرانية من صراع هو أيضًا بسبب ما عُرفت بالثورة البرتقالية التي أنتجت نظامًا فاشيًا معاديًا لروسيا.

ترامب أعلن أنه ضد انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، واعترف بأن هذا الصراع استفزه حلف الناتو. بالنسبة لروسيا، هذا لا يكفي. روسيا لا تريد تصريحات إعلامية ووعودًا كلامية، تريد اتفاقًا واضحًا وموقعًا تلتزم كل الأطراف باحترامه. لذلك، وقف إطلاق النار فقط لا يرضي روسيا، لأنها تعتبر ذلك محاولة للمماطلة والمراوغة وكسب الوقت لإعادة بناء الجيش الأوكراني. وأكثر من ذلك، تجهيز الدول الأوروبية لقدراتها العسكرية لمواجهة جديدة معها.

من دون شك، أن ترامب صاحب الصفقات يرغب في حل هذا الصراع حسب وجهة نظره لما فيه مكاسب للولايات المتحدة، لكن تعارض حساباته التي يريد من خلالها الاتفاق مع روسيا مع حسابات الدول الأوروبية المعادية لها، والتي تريد إخضاعها وإضعافها عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا من أجل فرض اتفاق عليها يؤدي إلى إضعاف تأثيرها على الساحة الدولية وتحجيم دورها. إذن، تعارض هذه الحسابات يعرقل مساعي ترامب. لذلك، هناك عدة أسباب لتأجيل عقد القمة بين الرئيسين، فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، منها: استمرار الضغوط الأوروبية لمنع أي حل يكون على حسابها ويعطي روسيا صورة المنتصر، بالإضافة إلى الضغوط التي يتعرض لها ترامب في الداخل الأميركي من الحزبين معًا: حزبه الجمهوري والحزب الديمقراطي. يبدو أن هذه الضغوط تمنعه من اتخاذ قرار حاسم بضرورة إنهاء هذا الصراع. هذا يعني أن التقاء الضغوط الداخلية الأميركية مع الأوروبية لا يزال هو الغالب، أي أن وجهة نظرهم هي مواصلة دعم أوكرانيا بكل الإمكانيات، حتى ولو كان على حساب حياة سكانها وجيشها وسيادتها، باعتقادهم بأن ذلك يؤدي في النهاية إلى استنزاف روسيا وفي النهاية إخضاعها. لكن على أرض الواقع نرى عكس ذلك تمامًا، على الجبهة الميدانية المبادرة بيد الجيش الروسي، والعقوبات لم تؤدِ إلى انهيار الاقتصاد الروسي.

لطالما تباهى الرئيس الأميركي ترامب بعلاقته الشخصية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وراهن كثيرًا على تلك العلاقة لحل المشاكل السياسية، هل خاب ظن ترامب هذه المرة وفشلت تقديراته في اللعبة السياسية الدولية؟ وهل يمكن المراهنة على العلاقات الشخصية بين قادة الدول في السياسات العالمية؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس قوي استطاع وقف انهيار روسيا وأعاد بناء وتطوير قوتها العسكرية، ونجح في إعادة نسج علاقاتها مع مختلف دول العالم وخاصة التي كانت على علاقات جيدة مع الاتحاد السوفياتي. نهض بالاقتصاد الروسي وأعاد الثقة به، كل هذا جعله محط أنظار واحترام العديد من قادة العالم. لذلك، الرئيس الأميركي ترامب يرى بشخصية الرئيس بوتين مثالًا يُحتذى به، ويعتبر الرئيس ترامب أن إعجابه ومديحته للرئيس بوتين يمكن أن يساهم في إعادة العلاقات بين البلدين. صحيح أن الاحترام المتبادل والعلاقات الشخصية تلعب دورًا مهمًا في تطوير العلاقات، لكن مصالح الدول الاستراتيجية وأمنها القومي لا يُبنى على المديح والصداقة والعلاقة الشخصية فقط، وإنما بحاجة إلى واقع على الأرض، وهذا لم ينطبق على العلاقات الأميركية الروسية. إذ إن ترامب في ولايته الأولى تابع نفس سياسة واشنطن المعادية لروسيا ويفاخر دائمًا بأنه هو أول من قدم الأسلحة إلى أوكرانيا وفرض العديد من العقوبات على روسيا. لكن اعتقاده بأن ذلك يعطي الأفضلية له في التعامل معها وفرض إملاءات عليها لا يجدي نفعًا، لأن الرئيس بوتين يهمه مصالح وأمن بلده قبل العلاقات الشخصية. والرئيس ترامب متقلب في مواقفه وتصريحاته، وهذا أيضًا يجعل الرئيس بوتين حذرًا في تعاطيه معه. كما قلت، إذا كان الرئيس ترامب يريد بناء علاقات جيدة مع روسيا، عليه وقف سياسة التصعيد والتهديد وفرض العقوبات، واتباع سياسة الاحترام المتبادل لمصالح البلدين، والأخذ بعين الاعتبار لكل المطالب والهواجس الروسية، ليس فقط على الساحة الأوكرانية، وإنما في كل ساحات الصراع.

وزارة الخزانة الأميركية أعلنت عقوبات على روسيا شملت عددًا من الشركات التابعة لـ«روسنفت» و«لوك أويل»! بينما ردت الخارجية الروسية بأن السياسة العدائية لدول الناتو قد تؤدي إلى صدام مباشر بين الدول النووية، هل بلغ الأمر هذا الحد من الخطورة على خلفية النزاع في أوكرانيا؟ وهل ترون أن شبح الحرب النووية ما زال خطرًا داهمًا على العالم؟

بالطبع، العقوبات التي فُرضت على روسيا أثرت سلبًا بشكل كبير على تطورها وازدهارها. كذلك، أثرت على مستوى معيشة الفرد في روسيا. إن استمرار فرض العقوبات الاقتصادية والمالية، وتكرار التهديدات، واتباع سياسة سرقة الأموال كما يحصل مع محاولة سرقة الأصول الروسية البالغة 350 مليار دولار، كما أثبتت الوقائع، لا تساهم في وقف أو على الأقل خفض التصعيد، وإنما على العكس، تؤدي إلى رد فعل موازٍ وتصعيد مقابل. ويمكن أن يصل إلى صدام غير محسوب يؤدي إلى مواجهة شاملة ومباشرة.

الضغوطات والاستفزازات الغربية المتمثلة في ضم دول جديدة لحلف الناتو، والاتهامات المتواصلة لروسيا بخرق المجال الجوي لبعض دول الناتو، وزيادة الحشود العسكرية على حدود روسيا وبيلاروسيا، والتهديدات بضرب الطائرات الروسية، وأخطر من ذلك التهديد باحتلال مقاطعة كالينينغراد الروسية والمنفصلة بريًا عنها، والوصول إليها عبر بحر البلطيق وعبر الجو وعبر ممر سوفلدفسكي من بيلاروسيا. إذن، هذه الاستفزازات يمكن أن تعطي روسيا الحق في تفعيل العقيدة النووية الروسية، وهذا أمر وارد.

/انتهى/

رمز الخبر 1964112

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha